تتخوف بعض الفاعليات السياسية في لبنان من معلومات يتم يتداولها في الاطر الامنية والرسمية الضيقة حول التداعيات التي ستترتب على نتائج الحسم العسكري في المعارك السورية، ولا سيما الحسم في معركة حلب، على واقع مخيمات اللاجئين السوريين على الاراضي اللبنانية، حيث تتوقع ان تترجم هزيمة اي طرف وانتصار طرف آخر، الى عمليات اقتتال واحتراب بين اللاجئين السوريين داخل مخيمات لجوئهم، وهو أمر سيجر ببعض القوى اللبنانية الى تسعير تلك المعارك من خلال دعم كل طرف لبناني لحليفه المفترض داخل تلك مخيمات بالحد الادنى بالاسلحة والاعتدة والخبرات وغيرها، ان لم يكن بالمقاتلين والتقنيات القتالية.منشأ الخوف لدى شخصيات سياسية لبنانية محددة، ناتج من قراءة متكاملة في واقع الساحة اللبنانية والعدد الضخم للاجئين السوريين الى لبنان، في ازاء أعداد اللاجئين الى دول أخرى مجاورة، وقد قرأت إشارات ذلك ربطاً بما حدث قبل نحو اسبوع في مدينة طرابلس ومناطق اخرى حين تم توزيع الحلوى على المارة واطلاق المفرقعات وتنظيم الاحتفالات، بمجرد ان سجل المسلحون خرقاً صغيراً عند محور الراموسة غربي حلب، قبل ان يعاد تحريره وطردهم منه مجدداً. وهو المشهد الذي رصده أمنيون باهتمام بالغ، وقرأ فيه سياسيون مؤشراً خطراً من حيث التداعيات المتوقعة لأي تطور دراماتيكي على الساحة السورية، وخصوصا في إزاء ما يحكى عن صفقات دولية وإقليمية بهذا الصدد، والتي كان آخرها ما تم التداول به من ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اعطى تعهداً مباشراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما الاخير في مدينة سان بطرسبرغ الروسية الاسبوع الماضي بأنه سيحوّل وجهة حزب «الاخوان المسلمين» في سوريا، وهو الفرع السوري لحزبه، الى مقاومة مسلحة للتنظيمات المتطرفة كـ «داعش» و«القاعدة»، وتحويله الى تنظيم «صحوات» سورية على غرار «الصحوات» العراقية.ارضية المخاوف لدى بعض الشخصيات السياسية اللبنانية قائمة على اعتبار ان لبنان هو الخاصرة الرخوة والساحة المشحونة والمعبئة سياسياً وطائفياً ومذهبياً، في ظل غياب تام للمقاربات الوطنية والقراءات الموحدة ومن خلالها للملفات الحساسة، وابرزها ملف اللاجئين الذي بات بحجم قضية وطنية كبرى، نظرا لما يشكله من اعباء ثقيلة على مجمل الحركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى في الجوانب الاخرى، حيث تجهد بعض القوى الاساسية في لبنان على ان تستثمر في اعداد السوريين الموجودين على الارض اللبنانية لتصفية حسابات داخلية، في وجه قوى لبنانية أخرى متموضعة على الضفة المقابلة سياسياً لمجرد النكاية السياسية، واستخدامهم ككتل بشرية في محاولات مكشوفة لتبديل في المشهد الديموغرافي، وهو ما حصل مؤخراً في المحاولات التي تم تسويقها دولياً واقليمياً للغمز من قناة توطين السوريين في البلدان التي لجأوا اليها!وهذه المشاهد يربطها سياسيون بما ستؤول اليه أوضاع الصراع العسكري في سوريا عموما وفي حلب على وجه التحديد، لأن من سيربح حلب يكون عمليا قد سيطر على سوريا الطبيعية، وبالتالي على الارجح ان تسجل محاولات عديدة لرد الفعل على أي انتصار سيتم احرازه في حلب لمصلحة فريق معين، وهو الامر الذي يثير القلق لدى بعض الشخصيات السياسية الوازنة التي تفضل النأي بالساحة اللبنانية عن أي تداعيات محتملة ومتوقعة لأي من افرازات اللهيب السوري، لأن لبنان لا يحتمل صراعاً سورياً - سورياً على أراضيه، خاصة وان اللاجئين السوريين البالغ عددهم مليونا ونصف المليون لاجئ منقسمون بالطبع على ولاءات عدة، واي هزة امنية داخل مخيمات اللجوء السوري سترتد بكل سلبياتها على واقع الانقسام اللبناني المستمر حول الازمة السورية وسيجد كل فريق من يناصره على الساحة اللبنانية، ويزوده بالاسلحة والعتاد وكل أدوات تسعير هذا الصراع الذي سيكون استعادة جديدة لمشاهد الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني في لبنان خلال حقبة السبعينات من القرن الماضي، والتي جرَّت اللبنانيين لاحقاً الى الاحتراب على خلفية التباين في الموقف من القضية ايضاً!واذا كان من الواضح حتى الآن ان انتصار النظام السوري سيوحد سوريا، بينما انتصار المعارضة السورية سيقسم سوريا الى عدة كانتونات ودول طائفية وعرقية وقومية متعددة، وهو الامر الذي ما تزال القوى الكبرى ولا سيما الادارتين الروسية والاميركية مختلفتان عليه وعلى كل تفاصيله وحيثيياته، فإن مصدرا سياسيا رفيعا يرى ان أي كلام عن ربط مصير معركة حلب بمستجدات على الساحة اللبنانية يجب ان يلحظ إمكانية نشوب مشكلة حقيقية بين اللاجئين السوريين بداية، وانه من الاسباب التي ربما دفعت القيادتين الاميركية والروسية على الاتفاق ولو ضمنياً، على ابقاء الـ«ستاتيكو» القائم اليوم في حلب بشكل لا يتيح نصراً حاسماً، ولا هزيمة مشهودة، لأي من المتحاربين، في انتظار جلاء نهائية الصورة، وارسال جميع الاطراف الى جنيف للتفاوض والخروج بحلول سياسية، لان في الحل السياسي وحده مصلحة لجميع الاطراف بمن فيهم لبنان ايضاً لان للبنان مصلحة عليا بالاتفاق السياسي بين اطياف المجتمع السوري، حفاظا على الاستقرار فيه، ولضمان اعادة اللاجئين الى سوريا بعد ذلك.ويشير المصدر الى ان على القوى السياسية الحية في لبنان، ان تنتبه جيداً للأمن في لبنان قبل أي شيء آخر، لافتاً الى ان انتخاب رئيس للجمهورية يخفف الوطأة نوعاً ما، لكنه لا يلغي التحديات الماثلة جراء وجود مليون ونصف المليون سوري على ارض لبنان، ولا الاحتقانات السياسية القائمة والتي لن تلغيها سوى اجتماعات الاقطاب المتتالية حول طاولة الحوار الداخلي، حتى ولو كانت تلك الاجتماعات بلا نتائج لأن جدواها والطائل منها لا يكمن في النتائج بقدر ما يكمن في الكلام المباشر الذي يزيل التشنج والالتباسات، ولا سيما اذا تم الحوار في ظل المعادلة القائلة بأن ثمة اتفاقاً ضمنياً تحت الطاولة بين ايران والسعودية لمنع أي فتنة مذهبية او طائفية، وعدم السماح للبنانيين بالانجرار اليها.عباس صالح
التاريخ - 2016-08-18 6:38 AM المشاهدات 648
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا