شبكة سورية الحدث


التنين الصيني يبتلع الأسواق السورية فمن المسؤول؟

التنين الصيني يبتلع الأسواق السورية فمن المسؤول؟
- خاص - بقلم محمد الحلبي – رولا نويساتي- بضائع رديئة بأغلى الأسعار وسط عجز المنتج الوطنيالجودة والسعر هما مطلب أي مستهلك عند ابتياع أي مادة من الأسواق, وإذا ما فاق سعر الجودة التي يطلبها المستهلك في المنتج بندَ ميزانيته فالحل السريع يكون هو الاستعاضة عنها بالبديل الأرخص ثمناً ولو على حساب الجودة..هذه النظرية آمن بها معظم المواطنون السوريون, وخاصةً في السنوات الخمس الأخيرة, ما دفع التجار إلى البحث عن السلع الرخيصة واستيرادها إلى الأسواق السورية دون حسيبٍ أو رقيب, أما عين حماية المستهلك والجهات المسؤولة عن اكتساح تلك السلع الرديئة لأسواقنا وبأسعارٍ جنونية فهي نائمة قريرة العين, وتكتفي بورقة تمتع بها ناظريها تدعى بيان جمركي, أو فاتورة تشير إلى مصدر وأسعار تلك المواد، ومع ذلك يدفع المواطن ثمن تلك السلع أضعاف سعرها الحقيقي, ويبحث دائماً عن البديل المفقود من الخدمات كالكهرباء والمحروقات  بـ(الشواحن – دفايات – مولدات كهربائية – مراوح.. إلخ) ضارباً بالجودة عرض الحائط مقابل السعر المنخفض نسبياً عن البديل الأصلي والذي بات سلعةً نادرة بسبب إحجام التجار عن استيراده لارتفاع سعره مقابل انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام القطع الأجنبي..التجار يبررونيقول السيد (أبو علاء) تاجر أدوات كهربائية: يعتقد المواطن أن كل منتج صيني هو زائف ومنخفض الجودة وسريع العطب, لكن حقيقةً لا علاقة للصين كدولة مصنعة, إذ أن الصين تختلف في سياسة اقتصادها عن الدول الغربية التي تضع الجودة بالمرتبة الأولى في صناعة منتجاتها مهما ارتفع ثمنها، إذ أن الصين تعتمد بسياستها على استقطاب جميع الزبائن وإرضائهم وتصنيع منتجاتهم حسب الطلب والسعر دون اشتراط الجودة, وهذا ما دفع بتجارنا إلى تلك الأسواق واستيراد بضائع رخيصة الثمن تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن السوري, فعلى سبيل المثال هناك شواحن موبايلات تبدأ من 250 ليرة سورية ولا تنتهي عند الـ5000 ليرة, وتجد المواطن يسعى لشراء الشواحن الرخيصة وتبديلها بين فترات قصيرة ولا يشتري شاحن جيد غالي الثمن كي لا يدفع ثمنه دفعةً واحدة..فيما يقول (أبو فراس) تاجر معدات صناعية: أن قطع التبديل أو الالكترونيات وغيرها بعيد عن أي مواصفة قياسية, وغالباً هي قطع رديئة تسمى (ستوك) يشتريها تجارنا ضمن حاويات بالكيلو أغلبها معطل وغير صالح للاستخدام وهي غير مكفولة, وحقيقةً المواطن هنا يغبن مرتين.. أولاً بالسلعة وثانياً بسعرها المرتفع, وهذا ما يدفع بالمصنعين المحليين إلى تصنيع سلعٍ رديئةٍ أيضاً للحفاظ على أسعارها قريبةً من أسعار تلك السلع المستوردة..الحلقة الأضعفيبدو المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه المعمعة، إذ لا حول له ولا قوة.. يقول السيد (أبو يزن) لا تسألوني عن ارتفاع الأسعار, وهل بقي شيء في البلد لم يرتفع سعره بشكلٍ جنوني وأضعاف ما كان عليه.. هناك بعض السلع ارتفع سعرها أكثر من 200%, هل يعقل أن ثمن أرخص ثلاجة في السوق يتجاوز 125 ألف ليرة سورية, هذه السلع أرباحها مخفية ولا يمكن لحماية المستهلك أو أي جهة ضبط سعرها الحقيقي، ويبقى تسعيرها ليس وفق العرض والطلب أو حسب سعر صرف القطع الأجنبي, بل وفق مزاجية واستغلال التاجر, أما بالنسبة للسلع المستوردة الرديئة الصنع فلا أحد يعرف كيف تدخل إلى البلاد, وما هي آلية تسعيرها..فيما قالت السيدة (ولاء) ربة منزل: إن الأدوات الكهربائية الموجودة في الأسواق حالياً سيئة جداً وأن أغلبها صيني الصنع, وأفادت أن منزلين من منازل أقربائها قد احترقا بسبب رداءة تلك الأجهزة, وأضافت أن التجار يستوردون أسوأ الأنواع ويبيعونها بأسعارٍ مرتفعة جداً، وأن استخدامها لا يتجاوز يومين أو ثلاثة أيام في أحسن الأحوال..فيما قال السيد (أبو محمد) تاجر مفرق ويملك محلاً لبيع سلع متنوعة من المنتجات الصينية:يسافر أخي كل مدة إلى الصين لإبرام العقود مع الشركات والعملاء الصينيون لاستيراد منتجاتهم, إذ أن المواطن السوري وخاصةً في ظل الأزمة يميل إلى شراء المنتجات الرخيصة، ما يضطر التاجر إلى استيراد البضائع الأقل جودة ضماناً لتصريفِها، وإلا تجارته سوف تكسد..تداعيات إغراق السوق بالبضائع الصينية الرديئةإن أبرز شبح يهدد إيقاف المنتج المحلي وإجبار المصنعين المحليين عن إنتاج سلع جيدة هو استمرار استيراد تلك البضائع (الستوك) إلى السوق السورية، حيث يرى الصناعيون والتجار أن البضائع الرديئة صينية المنشأ قد أوقفت مؤسسات صناعية كثيرة عن العمل, ويرى هؤلاء الصناعيون والتجار أن هناك شراكة خفية بين الجمركي والمستورد والمخلص, وهنا يطفو سؤال على سطح هذه المعمعة.. لماذا ألغت الحكومة قرار اعتماد شركات عالمية لفحص الجودة كشرط للاستيراد ؟! ولماذا يتوجب على المواطن أن يبقى تحت رحمة طمع وجشع التجار الذين لا يفوتون فرصة لاستنزاف آخر قرش من جيب المواطن..تصاريح مسؤولةفي تصريحٍ له أوضح السيد عدنان دخاخني رئيس جمعية المستهلك أن هناك انفلات في الأسعار بشكل غير منطقي, حيث جرت العادة أن يرفع التجار أسعارهم بالتوازي مع ارتفاع أسعار الصرف, إلا أن الشيء الغير مفهوم ولا مسوغ له هو أن يصل ارتفاع الأسعار إلى 600% و إلى نحو الـ1000% أحياناً كما هو الحال في بعض قطع الأدوات الكهربائية، ما شكل استنزافاً وعجزاً في القدرات الشرائية لدى المواطنين, وهوة كبيرة بين متوسط المدخول الشهري للمواطن وحجم الإنفاق..فيما أشارت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن أغلب الأدوات الكهربائية محررة السعر ولا تخضع لنسب أرباح محددة, وأنهم لا يتدخلون في تحديد سعرها, وإنما يقومون بطلب فواتير ومواصفات تلك السلع منعاً للغش فقط, وأن دور التجارة الداخلية يتمحور حول مطابقة الفواتير والمواصفات, أما التأكد من المواصفات فهو للجهة الفنية المتمثلة باتحاد الحرفيين عن طريق لجنة يترأسها معاون مدير التجارة الداخلية لدراسة الأدوات من جهةِ سعرها وحالتها الفنية..ختاماًيبدو أن محدودية الدخل وضعف القوة الشرائية دفعت بالمستهلك السوري نحو السلع الصينية ومثيلاتها ذات السعر الرخيص مهما بلغت رداءتها, حيث أن تلك السلع دخلت إلى أسواقنا ببساطة وبدعم من التجار ورجال الأعمال لهذه المنتجات, وربما قاموا بتزوير شهادات المنشأ للتهرب من دفع الرسوم الجمركية حتى باتت تشكل خطراً حقيقياً على المنتج الوطني, وإذا ما بقي الحبل على الغارب فإن الصناعة السورية لن تصمد أمام تلك المنتجات الرخيصة التي أغرقت أسواقنا, وخصوصاً إذا ما علمنا أن التبادل التجاري بين بكين ودمشق بلغ أكثر من مليار ونصف المليار دولار سنوياً وذلك حسب الأرقام المعلنة..
التاريخ - 2016-03-26 1:07 PM المشاهدات 3347

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا