عندما زار، والسيدة عقيلته، المشروع الاستكشافي “مسار” قبل بضع سنوات، كتب السيد الرئيس بشار الأسد على لوحة المشروع عبارة، نحن اليوم بأمس الحاجة لتمثل معانيها وفهم دلالاتا، فقد كتب سيادته آنذاك ما يلي ” لنسر نحو المستقبل بدلاً من انتظاره”فاليوم، ورغم ما تسببت به الحرب من ويلات ودمار وخسائر هائلة، إلا أن مستقبل سورية لا يزال بفضل تضحيات قواتها المسلحة وصمود شعبها وقيادتها ملكاً للسوريين وحدهم، ولا يمكن لأحد أن ينتزعه منهم، لا سيما بعد الفشل الذريع، الذي منيت به الدول والحكومات المتورطة بالحرب على سورية، والتي كانت تأمل بالسيطرة على مستقبل سورية، وقيادته بما يحقق أهدافها ومصالحها.ولذلك فإن انطلاقنا نحو بناء مستقبل وطننا ورسم ملامحه، بما يخدم طموحات السوريين ويحقق تطلعاتهم، يمثل دعامة رئيسية في المحافظة على خاصية امتلاكنا للمستقبل وقطع الطريق على الآخرين الذين يحاولون التدخل في صياغة مستقبل بلادنا وتحديد هويته، كما أن ذلك يسهم في تدعيم انتصار بلدنا على الإرهاب الإقليمي والدولي، بالنظر الى ما يمثله السير نحو المستقبل من عزيمة وإصرار على الحياة والمقاومة لدى جماهير شعبنا بمختلف فئاتها وشرائحها.لكن ذلك ليس بالأمر اليسير، فهو يحتاج الى جهد مشترك من السوريين كافة كأفراد وهيئات وجمعيات ومنظمات وطنية، ومن الدولة كمؤسسات وإمكانيات وكفاءات، فالمستقبل وصناعته مسؤولية الجميع. مسؤولية تبدأ بالاتفاق على ماهية مانريد أن نصنعه للأجيال القادمة، وتنتهي بالعمل على تحقيق ماتم الاتفاق عليه، فبناء الوطن واحترام مؤسساته ورموزه مسؤولية جميع أبنائه، والمهم في كل ذلك ألا ننتظر ونتمهل ونجلس نراقب، إلا فإننا بذلك نسمح من حيث لا ندري للآخرين أن يشاركوننا بمستقبلنا، أو أن يؤثروا بتوجهاته وأحداثه.إن المستقبل الذي نتحدث عنه لا يتعلق فقط بما سيتفق عليه السوريون سياسياً، ولا بالمؤشرات التنموية التي يجب أن تتحقق خلال فترة زمنية محددة، ولا بعلاقاتنا الخارجية مع الدول، ولا بعملية إعادة الإعمار والبناء، بل هو يتعلق بالمستقبل الذي يطمح إليه كل وطني سوري، مستقبل كل قرية وناحية ومدينة سورية، مستقبل كل شركة ومؤسسة ومعمل رفض صاحبه أن يخرج من سورية ، وفضل أن يضغط على جراحه وخسائره .. وغيرها.قد يرى البعض أن السير نحو المستقبل سيبقى رهناً بانتهاء الأزمة، وأنه طالما الإرهاب موجود على الأرض السورية فإن الأولوية هي للحاضر، وهذا قد يكون صحيحاً في جانب، إلا أنه في جوانب أخرى كثيرة يحمل مخاطرة كبيرة، إذ إن الأمل والإيمان بالقادم من الأيام يمثلان ركناً أساسياً في مسيرة التغلب على الأزمة ودحر الإرهاب، بدليل صمود السوريين وتشبثهم بوطنهم ورفضهم للهجرة، فاليوم ورغم كل التهويل والمبالغات في أعداد المهاجرين واللاجئين الى دول الجوار لأسباب سياسية باتت مكشوفة، إلا أن التقديرات والبيانات لاتزال تتحدث عن وجود مايزيد على 19 مليون مواطن في سورية، يتحدون كل أنواع المخاطر والمصائب والمعاناة، وينسجون خيوط الأمل والحياة في كل زاوية وشارع سوري، يظللهم في ذلك صمود الدولة وقوة مؤسساتها.باختصار، علينا أن ندرك أنه عندما نتوقف عن التفكير في المستقبل والعمل من أجله، فإننا بذلك نتوقف عن الحياة، ونتحول الى أشخاص ومؤسسات ومجتمعات هامشية ومرضية، وهذه سمة منبوذة ولا مكان لها في تاريخ السوريين العريق، القديم منه والحديث، وبالتالي فإن خيارنا الأهم هو أن نسير نحو المستقبل مهما عظمت التحديات وزادت الآلام، وألا ننتظر قدومه الفاقد آنذاك لبصمات السوريين وعطاءاتهم.
التاريخ - 2016-02-28 11:40 PM المشاهدات 2883
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا