خاص - بقلم رولا نويساتي
رغم الحرص والحذر الشديدين اللذين كان والدا (نهى) ابنة السبعة عشر
ربيعاً يحيطانه بها كون لها وضع خاص باعتبارها فاقدة النطق, إلا أنها بعد محاولات
عدّة وتدخل بعض الأقارب والأصدقاء, تمكنت (نهى) أخيراً من إقناع والديها بضرورة
إيجاد عمل لها, وخاصة بعد أن فقد والدها إحدى ساقيه إثر حادث تعرض له في عمله
كسائق تكسي على إحدى سيارات الأجرة, الشيء الذي أغرقهم بالديون التي أصبح من الصعب
الخلاص منها.
رحلة للبحث عن عمل
بعد أخذ الموافقة من أهلها بدأت (نهى) رحلتها الطويلة في البحث, إذ كان
من الصعب عليها إيجاد عمل, لعدم تمكنها من
التفاهم مع الآخرين بلغة الإشارة, وبعد ما يقارب الشهر تمكنت (نهى) من العمل في
شطف الأدراج في عدّد من المباني في عدّة مناطق مختلفة بين المزة والبرامكة والشيخ
سعد, على الرغم من أن عمل (نهى) لم يكن يفي بالغرض إلا أنها عملت كما يقول المثل
(لعاب بالمقصوص ليجيك الطيار)... أسابيع قليلة استطاعت (نهى) من خلال تفانيها
بالعمل ونظافتها ومساعدتها لسكان المباني من أن تكسب حبهم لها وثقتهم فيها, لتتمكن
بالتالي من إيجاد عمل إضافي لها في تنظيف المنازل, بدأ يدر عليها المال علها تساعد
برفع الألم والحزن ولو بجزء بسيط عن كاهل والدها.
موعد مع المجهول
لم يشأ القدر لـ(نهى) أن تهنأ في حياتها, على الرغم من تحديها لكل المآسي
والمتاعب التي أحاقت بها وبعائلتها الصغيرة, إلا أن قساوة القدر قرر أن يرسل لها
(مؤيد) الذي أضفى المزيد من السواد على حياتها, وذلك عندما اجتمع بـ(نهى) في منزل
(نادر) أحد أصدقائه أثناء قيامها ببعض أعمال التنظيف هناك, فلفت انتباهه جمال
جسدها الممشوق على الرغم من مسحة الحزن التي كانت ترتسم على وجهها الملائكي, عندها
قرر (مؤيد) ألا يضيع فرصة التنعم بتلك المفاتن بأي شكل من الأشكال, حينها ضرب
موعداً مع (نهى) التي لم تنتبه لنيته الخبيثة والمبيتة لها, بل كان شغلها الشاغل
زيادة زبائنها علّها تفي بعض الديون المتراكمة على والدها, حيث طلب منها أن تأتي
لشقته الأسبوع التالي لتنظيفها.
خطة دنيئة
جاءت (نهى) إلى منزل (مؤيد) الكائن في منطقة المزة بدمشق في الموعد
المتفق عليه, لتجده خالياً من السكان باستثناء (مؤيد) الذي استدرك الأمر على الفور
وأخبر (نهى) بأن والدته قد ذهبت لاستجلاء أمر طارق ولن تتأخر, أومأت (نهى) برأسها
وبدأت عملها دون أن تعطي (مؤيد) الذي كان يراقب حركاتها خطوة بخطوة أي اهتمام, إلا
أن الشيء الغريب الذي لفت انتباهها هو أن المنزل لا
يحتاج إلى تنظيف, حاولت (نهى) إيصال تلك الملاحظة لـ(مؤيد) عن طريق الإشارات إلا
أنه لم يستطع فهمها, ليشير لها بأن تترك كل شيء من يدها وتبدأ بغرفة النوم أولاً
كونه متعباً ويريد أن يستريح بها... على الفور دخلت (نهى) الغرفة وما هي إلا لحظات
حتى لحق بها (مؤيد) وأغلق الباب خلفه, هنا بدأت علامات الارتباك بالظهور على
الفتاة, التي أخذت تشير لـ(مؤيد) بضرورة خروجه من الغرفة, لكن الأخير لم يعرها أي
اهتماماً, بل أخذ بالاقتراب منها ممسكاً بيده سكيناً كبيرة مهدداً إياها بالقتل إن
لم تمتثل لأوامره.
جميع التوسلات باءت بالفشل
لم تدرِ (نهى) ما الذي تفعله وخاصة أنها لا تملك تجارب كافية بالحياة,
فلم يكن منها سوى البكاء والتوسل لـ(مؤيد) بأن يدعها وشأنها, إلا أن الأخير أخبر
(نهى) بأنها لن تستطع الإفلات منه ولا حتى الصراخ أو الاستغاثة, طالباً منها أن
تستسلم له على الفور كونه لا أحد سيستطيع نجدتها من بين يديه, فما كان من (نهى)
سوى الاستسلام لذاك الذئب البشري الذي أخذ ينهش لحمها دون رفق, إلى أن انتهى من
إشباع رغباته وغرائزه الحيوانية, عندها قام بطردها من المنزل بعد أن أجبرها للعودة
له بعد ثلاثة أيام وإلا فسيفضح أمرها أمام والدها العاجز, عادت (نهى) إلى منزلها
مكسورة القلب والجناح بعد أن حاولت لملمة جراحها, إلا أن الخوف والارتباك كان
بادياً عليها, عندها بدأت والدة (نهى) بتوجيه الأسئلة لابنتها التي لم تستطع كبت
ما جرى معها فأخذت تجهش بالبكاء, وسردت القصة بأكملها لأمها, التي ما إن سمعت حتى
جن جنونها وبدأت (تلوم) حظها العاثر.
كلمة الفصل
حاولت والدة (نهى) تمالك نفسها وأخذت تهدئ من روع ابنتها, إذ أنها لم تجد
وسيلة تدافع بها عن (نهى) أمام المجتمع الظالم فما كان منها سوى التوجه لزوجها
وسرد تفاصيل ما تعرضت له ابنتهما, وما إن سمع والد (نهى) تلك الكلمات القاسية حتى
استشاط غضباً إلا أنه سرعان ما حاول كبح جام غضبه بعد أن تجمعت الدموع في مقلتيه
ليمسح على رأس ابنته كونه على ثقة تامة بتربيته لها, فلم يكن بيده حيلة سوى التوجه
لقسم الشرطة بصحبة ابنته التي سردت تفاصيل ما جرى معها بمساعدة والدها كما سردناها
أعلاه, ليتم إرسال دورية شرطة بدلالة (نهى) ويتم إلقاء القبض على (مؤيد) في
منزله... بالتحقيق حاول (مؤيد) بدايةً إنكار ما نسب إليه من تهمة, إلا أن تقرير
الطبيب الشرعي ومواجهته بالضحية حال دون ذلك, لينهار معترفاً بما قام به من جرم
اغتصابه لقاصر, ليتم إحالته للقضاء لينال جزاء ما اقترفته يداه الآثمتان.
التاريخ - 2015-10-25 8:21 PM المشاهدات 812
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا