سورية الحدث _ خاص
نقل مصدر مسؤول في مصرف سورية المركزي تصريحًا يفيد بأن استبدال العملة المرتقب لا يهدف إلى تغيير قيمتها أو سعر صرفها بل تغيير شكلها مع إمكانية حذف ثلاثة أصفار بحيث تصبح الألف ليرة الحالية تساوي ليرة واحدة في العملة الجديدة .
هذا التوجه وإن بدا فنيًا أو شكليًا للوهلة الأولى يحمل في طياته دلالات اقتصادية عميقة تستدعي وقفة تأمل وتحليل ..
أولاً: هل حذف الأصفار يُحلّ الأزمات؟
اقتصاديًا .. حذف الأصفار ليس حلًا جذريًا للمشكلة بل هو “إعادة ضبط شكلي” للمعادلات النقدية ، يُستخدم عادة في البلدان التي تعاني من تضخم مفرط ، فالهدف منه تسهيل التعاملات المحاسبية والحد من ضخامة الأرقام في الأسواق لكنه لا يعالج الأسباب الجذرية للتضخم كالعجز في الميزانية أو انخفاض الإنتاج أو فقدان الثقة بالعملة الوطنية ..
ثانيًا: الكلفة تفوق القيمة!
بحسب المصدر تبلغ كلفة طباعة كل قطعة نقدية حوالي 20 سنتًا في حين أن الدولار يساوي قرابة 12 ألف ليرة ، وهذا يعني أن كلفة طباعة بعض الفئات قد تتجاوز قيمتها السوقية ، وهي معادلة خطرة في المنطق الاقتصادي لأن الدولة قد تجد نفسها تنفق موارد نادرة على عملة لا تحمل من القيمة إلا اسمها ..
ثالثًا: الإصلاح يبدأ من الداخل لا من الورق
الاقتصاد السليم يُبنى على عناصر حقيقية: إنتاج • تصدير • استثمار • استقرار سياسي • عدالة ضريبية • شفافية • وثقة عامة •• لا تُبنى العملة بقوة الطابعة بل بقوة الاقتصاد الذي تقف خلفه ، فتغيير الشكل دون تغيير البنية لا يُنتج عملة جديدة بل يُنتج وهمًا جديدًا ..
فما هو الحل إذًا؟
• إعادة الثقة بالليرة السورية عبر سياسة نقدية واضحة ومستقرة لا تعتمد على الإنكار بل على المصارحة .
• تحفيز الإنتاج المحلي وتخفيف الاعتماد على الاستيراد .
• ضبط سوق الصرف بسياسات واقعية لا قسرية .
• تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي بمناخ قانوني واقتصادي محفّز .
• إصلاح القطاع العام وتحسين كفاءته خصوصًا في القطاعات الحيوية .
العملة مرآة للاقتصاد فإذا تكسّرت المرآة فلا فائدة من طلاء الشظايا… الحل ليس في تغيير الألوان والأرقام ، بل في تغيير المنهج والسياسات ، فحين يُعاد الاعتبار للقيمة الحقيقية تعود الثقة وتنهض العملة من جديد .
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا