شبكة سورية الحدث


في حمص بقلم الكاتبة إسراء عبدالله السلقيني

في حمص بقلم الكاتبة إسراء عبدالله السلقيني

الكثير من الأصدقاءِ حولي في أرجاءِ حِمصَ لم تتوقفْ معرفتي على الأشخاصِ عند لافتة شارعٍ أو أكثر. 
 أقطنُ داخل حيٍّ شعبيٍّ تتمحورُ فيه المنازل بكثرة على الجانبين والجهة الغربية ،أما جهةُ الشمال الممتدة بمساحةٍ خضراء يعلوها كل مساء قمرٌ يحادثني . 
هذا الحيُّ يضمُ حجرتي المؤلفة من رفوفٍ للكُتبِ ،فوقَ الطاولةِ المليئةِ بالبحوثِ الدراسيّة المملة وحبل ضوء يعبرُ منها لفوق سريري الخشبي ،أما الجهة الثانية تحتوي المرآة ومساحيقَ التجميل بالألوان الترابية يكسرُ رتابتها أحمر شفاهٍ باللونِ الخمري. 
الحائط الثالث: تكمنُ به أسرارُ الليالي يتحدثُ معي هو و الحاسوبُ المحمول بأغاني العندليب وفيروز أعشقها كثيراً عندَ الثالثةِ فجراً ،تخرجُ روحي بكلِّ جاذبية لتتمايلَ مع اللحن. 
وكأنني غادرت الحيَّ الشعبيَّ والمدينة وكأنني أعيشُ على غيمةٍ أو فوقَ تلةٍ خضراء ،كما أن كلماتي هنا مثلُ المطر أو باقةِ وردٍ من التوليب على الأوراقِ البيضاء تكسرُ حواجزي من هذا اللون الذي يرهبني كثيراً حينَ أراه ،تتوسعُ حدقتي البنية في صمتٍ تتشاجرُ مع بياضِ عيني. 
حتى أنني لم أجرؤ يوماً أن أرتدي شيئاً أبيضاً سوى الأحذيةِ الرياضية وكأنهم المعجزات لدهس هذا الخوف.   

والآن !!..
أهلاً بالصباحِ من جديد بذاتي الحقيقية. 
أخافُ نطقَ "المرحبا" أجولُ الشوراع بسترةٍ جلديةٍ وكأنني بداخلها خبأتُ بشرتي الحنطية تلكَ التي طبطبتُ على مسامها طيلةَ الليل. 
أخذ نصيبي كالعادةِ من الطاولةِ بجوارِ البحيرة، لتبدأ ثرثرةُ الفتياتِ عن معدلاتِ المواد ،لأحاديثِ العشق ،أشفقُ على بعضهنَّ  تخبرني بأنها ستتوجُ  برمز الهلال زوجة لذلك الشخص من رمز الصليب لن تكترثَ إن الاحترام للديانات السماوية بيننا واجب ،هل ستخبرُ هذا العالم بالكلامِ والقوةِ ذاتها عن تلكَ الرموز !!.. لستُ واثقةً زمن الحب انتهى ،كزمن المعجزات. 
بعضهن لايزلن يبحثن عن الحب وكأنه شخصٌ تنادي عليه ،أما البقية دخلن عشَّ الزوجية لا أعلم سر التسمية وكأن الواحد منهما يتحد بخوف الآخر. 
لما لا نطلق عليه كوكب الزوجية فالكواكبُ تسبحُ بحريةٍ في السماء بمشيئة الرب. 

وأنا لازلت خائفة!!..  لأنني لستُ هنا ولاحتى بالندواتِ الثقافية أو المدرجاتِ الدراسية ، أو منطوية على كرسي ما في إحدى المقاهي.
أشتاقُ لحجرتي. 
حجرتي وصفحةُ الفيس بوك الزرقاء هل هذا نموذج مصفر لما أنا عليه هنا ؟!.. لا أظن..  لم نمتلك بعد سرعة الكائنات العجيبة لأركضَ بمقادر نصفِ ساعة نحو قريةٍ بالنرويج ،أو أن أتكلمَ عن طبيعة حالتي متخفية بصورةِ تشبهُ ملامحي الحقيقية هذا العالم الأزرق ممتلئٌ بالضجيج. 
 مثل طرقاتِ النقل ،الوجوه الكاذبة، التنمر،  طريقة زرع المجاملات بين الشباب للفتيات الجميلات وعلى العكس ،طريقة صنعِ كاتب لم يفقه جنون اللحظة ،عالمٌ مليئ بالتقليد الطبيعي هه !!.. وكأنني بهذا سأتخلى عن لباسي التركي ،لمجرد موضة الشورطات. 
وكأنني لا زلت خائفة حتى خلف العالم الأزرق ،لكنه أقل خبثاً على الأقل بالنسبة لي. 

"إنني لم أكن يوماً هنا بهذا الحي الشعبي بالقرنِ العشرين بزمنٍ ليس بزماني لم أتكور سوى بحجرتي بتفاصيلي بذاتي.. "


بنت القمر_Esraa..``
اسراء عبدالله السلقيني

التاريخ - 2020-04-12 5:09 PM المشاهدات 2457

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم