عشرون عاماً وأنا أركضُ
خلفَ حارةٍ ضيقةٍ تتساقطُ المنازلُ فيها كأوراقِ الخريفِ صفراءَ متعبة ،
خلف لعبةٍ تحملُني على ذراعيها خوفاً،
أركضُ خلف ساحة صارَ الأطفال فيها مقاعدَ قديمة،
وصارت مسرحاً لا يحتملُ الرقص
عشرون عاماً وأنا أركض خلف بقعة ماءٍ أسقط فيها كحجرٍ خفيفٍ ثم أعود لتوبّخ أمي اتساخَ الطفولة على ثقلِ الحجر
عشرون عاماً وأنا أركض خلفَ مدرسة تتكئ على ظهرِ منزلنا المقابلِ للكتب الممزقةِ على رفِّ المدينة،
أركضُ خلف سورٍ يكتبُ وظائفَه على سطرٍ ويمحيه بسطرٍ آخر .
عشرون عاماً وأنا أركضُ خلف رجل كلما أكلَ القدر يوماً من عمرنا يقول :
"طول ما أنا عايش ما بينقصكن شي"
لم ينقصْنا شيءٌ سوى أننا والأيام صرنا ناقصين دونه بنقصٍ مخيف .
عشرون عاماً وأنا أركض خلفَ امرأةٍ تمسحُ الغبارَ عن الأعوامِ العشرين بعمرها،
ثم ترتب فوضتها بأصابع من قوةٍ،
ولبن مرٍّ .
عشرون عاماً ..
وأنا أركضُ خلف الأطفال على ثوب زهريٍّ، أحملُ محفظةً صغيرة أخبئ فيها قطعاً من الحلوى،
والقليل من لحظات اللعب والانتظار.
عشرون عاماً وأنا أركض
لم أتوقفْ يوماً إلا عندما جلسْتُ في الخارج على مقعدٍ ليس غريبا،ً
أراقبُ السماءَ التي أعرفُها جيداً،
علمتُ أن هذا المطر لم يسقطْ
هو فقط تحوّلَ _وضمّن غيمتِه_ إلى عقربٍ يلدغُ الوقت ثم يمضي بخطواتِه حيث يسبقني ..
لأركضَ وأحاول اللحاقَ به .
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا