سورية الحدث - السويداء- معين حمد العماطوري
تعتبر عدة العزاء من العادات العربية الجميلة لحالة قيم تراثية نبيلة في مجتمعنا العربي الاصيل، لأن موقف العزاء أو ما يعرف اصطلاحاً اجتماعياً بالأجر، بمعنى أنه وسيلة لكسب الأجر والثواب من الله باستذكار الموت، من خلال الاعتراف الضمني بعقيدة وايمان "إن الله قهر عبادة بالموت، وهو الحي الازلي الذي لا يموت"، وبحضور العزاء وخاصة صلاة الجنازة التي يقصدها من يريد كسب الثواب، وحضور العزاء أو الأجر عادة اجتماعية لها طقوس تتبع ضمن منظومة عادات وتقاليد جبل العرب يتميز بها، إذ تحمل عبارات التعاطف والمشاركة الوجدانية الصادقة والناس يذهبون من قرية إلى قرية أو يسافرون من محافظة لأخرى بغية حضور العزاء أو كسب الثواب الرباني...وهي عادة قديمة ما زالت إلى يومنا مستمرة...ولكن ثمة سؤال بها اليوم بعد ان تخللها بعض الاعمال والافعال في ممارستها منها؟...
أولاً: الحضور وخاصة في موقف السويداء أي "ساحة سمارة" يتم حصراً قبل نصف ساعة ويذهبون بعد تقديم واجب العزاء فوراً، إذ ينتهي مشاركة المعزي عند انتهاء من تقديم عبارات التعزية، وكأن ذلك جاء بدافع الكلفة وليست بدافع المشاركة الوجدانية او كسب الثواب؟...
ثانياً: في ريف يبقى المعزون إلى نهاية صلاة الجنازة وهذا ما يكسب الموقف الهيبة والوقار والشعور بصدق المشاعر بالمشاركة، لكن المدينة وخاصة السويداء أي "ساحة سمارة" لا يبقى إلا قلة قليلة وهذا يضعف هيبة الموقف مهما كان قيمة المتوفي أو مكانته سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو علمية أو اي يكن؟...
ثالثاً: هناك مزاجية بالمشاركة وفق الرؤية وهنا رأي منقول ومتداول من فئات مختلفة من المجتمع، إن أبناء المدينة يشاركون في حال كان المتوفي من المدينة، أما من قرى الريف فتقتصر المشاركة على المعارف والأصدقاء والمقربين؟...
رابعاً: هناك شهادات بخصال واعمال المتوفي تقدم بعد احضار الجنازة لمراسم الصلاة، أي يتم التعريف بتلك الشهادات عن المتوفي من قبل معارفه سواء كان رجلاً أم إمراة، لكنها اليوم تشكل حالة استعراضية لبعض الشخصيات الذين يحاولون البروز الاجتماعي بعبارات استهلاكية مكررة، الأمر الذي يتسبب أيضاً في انتزاع من قيمة موقف الموت ورهبته وهيبته، ولو اقتصرت الشهادات أثناء التعزية لكان ذلك أفضل مع الشكر فقط من آل الفقيد للحضور...
تبقى عادة العزاء من العادات القديمة التي يفخر بها جبل العرب بما تحمل من قيم وأخلاق ومحاكم اجتماعية، تنم عن عمق علاقة المجتمع بالفرد، ومحاسبته اجتماعياً في حياته ومماته بموقف عزائه، ولعل هذه العادة هي ثمرة إنتاج معرفي لكثير من العادات التاريخية التي من شأنها كسب الثواب والأجر من الله، وحساب المرء في حياته ومماته....
لمزيد من الأخبار يمكن متابعتنا :
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا