الشام منزلك بقلم الشاعر ناجي مخ

ناجي مخ  ، شاعر لبناني

القلبُ يتْبعُني ومِثلُكَ أتْبعُ
ومِنَ الزّمانِ مِنَ الكِرامِ التُّبّعُ
ما كانَ أفضلَ أنْ تُساقَ لذاذَتي
إلاّ لدارِكَ والنّوى يتَطَلّعُ
أجْزيْتَني الدّرَّ الذي أوتيتَهُ
وَهْبًا وغيرُكَ طالبٌ أو يَطْمَعُ
جَمَعتْ لكَ الشمسَ اليدانِ فنِلتَها
فبِكلِّ ليلٍ مِ الليالي تَطْلعُ
وجمعْتَ أنتَ البحْرَ لي فكتَبْتُهُ
عيْنًا متى نظَرتْ وأُذْنًا تَسْمعُ
سمّيْتَ لي الأسْماءَ  فاشْتبَكتْ بها
شفَتايَ واقْتُدِرَ الكلامُ الطّيّعُ
بكَ مِنْ فؤاديَ ما السماءُ نزولَةٌ
ما أعجفتْ مِنْ نُزْلها ما أجْمَعُ
تعلو فجارَتْكَ الكواكبُ كلّها
حتى حسِبْناكَ الذي من يلْمَعُ
وعلوتَها حتى بلغْتَ المُنْتَهى
والكوْنُ رحْبٌ غيْرَ أنّكَ أوْسَعُ
بيْني وبيْنَك ما يرومُ له الفتى
غاليْتَ في عَطْيي ومِثْليَ يَقْنعُ
يا أيها الملِكُ المجِلُّ ملوكَنا
مرّوا بأرْضِكِ مانِحًا فتَضَرّعوا
لكَ في المُحيّا شِدّةٌ ونُعومَةٌ
فلكِلِّ من نظروا لهُ ما ينْفَعُ
الشامُ مَنْزِلُكَ الذي هو مُنْزَلٌ
واللاذِقِيّةُ ليْثُها مُتَرَبّعُ
ولّى زمانٌ لا يُجِلّكَ حوْلهُ
أو قبْلَهُ زَحْفًا إليكَ اللّوّعُ
كمْ نازَعَتْكَ الناسُ مُلْكًا حافِظًا
فسَلْبْتَهُنّ ممالِكًا لا ترجِعُ
بأبي الليوثُ الزّائِراتُ مَخالِبًا
صفَعتْ جُيوشًا ما حَسِبْتُ ستُصْفَعُ
آثرْتَ أنْ تذَرَ الذينَ توسّلوا
ومِنَ المكارِمِ سالِلٌ لا يقْطعُ
حتى كأنّ الناسَ في أبْنائها
ما عاشَ واحدُهم وماتَ ترَوّعوا
بيْني وبيْنهمو  تشاكلَتِ الرّؤى
وتشابهتْ عندَ الوجوهِ الأدْمُعُ
ما كانت الدنيا نَخيلَ كريمَةٍ 
إلا وأنت غُصونها تَتفرّعُ
أو بان في قلبي أذىً أو بان في
رأسي لظىً إلا وذكرك يَرْدعُ
تحلو بكَ الدنيا فيظهرُ شجّعٌ
مما وهبْتَ ويسْتدِقُّ الرُّوَعُ 
يا مَنْ مدَحْنا ما مدَحْنا قبْلَهُ
أحَدًا وما شبعَتْ عيونٌ تشْبَعُ
الشامُ مَنْزِلُكَ الذي هو مُنْزَلٌ
واللاذِقِيّةُ ليْثُها مُتَرَبّعُ