الكرسي رقم 11قصة ....مها الشعارثيابي الملطخة بالحنين كانت تصرخ رافضة وضعها في حقيبة سفر .. كنت أتجاهل أنينها فأنا كنت أريد أن أهاجر بعيدا عن كل شيء يذكرني به .. دائما الهروب هو الطريق الوحيد للنسيان ولا أعلم من الذي إقترح هذا الحل المؤلم إلا انني سأمضي به فربما أيام أو شهورا وأعود كما كنت امرأة خالية من الحياة..صوت أمي يصيبني بحالة ذعر فأنا لا أريد الاستجابة لطلبها هي الأخرى لقد كذبت عليها وأخبرتها أنني سأسافر لعمل مهم لم أتعمد الكذب بل كنت أحتال عليها كي تقتنع بسبب غيابي هذابصوت به غصة هل ستتأخرين؟بعيون رميتها على الأرض خجلا من رؤية عينيها الباكتين بسببي قلت لها-لا أبدا شهور قليلة وأعود ولكن أريد منك أن تتوقفي عن البكاء وتتركيني أودعك وابتسامتك على وجهك حضنتها وغادرت دون أن ألتفت ورائيركبت السيارة اغلقت الباب بسرعة خوفا من تسلل الذكريات في الطريق كانت هزائمي تجلس بجانبي من أخبرها بسفري فأنا متأكلة من الداخل ولا أريد الحديث معها أبداتجاهلتها وأغمضت عيوني حاولت الهروب من الحياة، خلال دقائق سأكون في المطار وسأودع هناك كل من عرفت إنها النهاية هذا المكان أشبه بالفضاء أدور فيه مع الكواكب في حركة دائرية جاذبيتي باتت معدومة لاثبات لاتوازن وجسد يدور في فلك مظلم وكأنه في قبر غادرت منه الروح وبقي جسدا هامدا تسقيه بعض من دموعي المالحةحاولت الثبات وأمسكت بهاتفي اتصلت بصديقتي المتواجدة في بيروت التي تعيش مع زوجها بمنطقة ريفية كانت قد علمت بموتي وجهزت لي غرفة صغيرة في حديقة منزلها وهيأت لي فرصة عمل أستطيع من خلالها تدبير أموري في بلد غريبمازال هاتفي يرن اسمع من خلاله صوت أغنية كان يحبها كثيرا ضعفت قواي وبدأت ببكاء جزع من ألم لم أقدر على احتمالهاسمع صوتها يسالني -اين انتوبصوت به غصة اقول لها أصبحت في المطار وعندما أصل لمطار بيروت سأعاود الاتصال بك بصوت فرح قالت أنا في انتظاركأغلقت هاتفي وصعدت إلى الطائرة وكانني دون بطاقة شخصية ولاجواز سفر نسيت حتى اسمي في يدي ورقة صغيرة مكتوب عليها الاحدى عشر وهو مقعدي على طائرة الرحيل جلست مترددة صراخ ممزوج ببكاء امي يأمرني أن أعود ولكن كل مافعلته هو إنني مكنت نفسي جيدا وثبت روحي بحزام الأمان منعا من هروبهارميت برأسي على هذا المقعد مصابة بصمم جعلني لا أسمع أي صوت-إنه مقعدي وأخيرا سأستريح وأعود إلى بلدي أذني أستجابت لتردد هذا الصوت والتفتت دون إذن مني وإذ بشاب وسيم جدا ابتسم في وجهي خلع معطفه الرمادي وجلس بقربي انه صاحب التذكرة الاثنى عشر على متن هذه الطائرة التي تشبه كوخا من جليدعاودت الإسترخاء مجددا وعاد صوته يؤرق هدوء أذني-إلى أين انت مسافرةبنظرة استنكار التفت اليه واعتذرت منه مطالبة إياه بالتزام الصمت أخبرته بإني متعبة ولا أريد التحدث مع أحدنظر الي باستغراب وصمت معي هو الأخر عيوني كانت تنتبه اليه كل حين وأخر ترمي عليه نظرة جانبية فقد كان دائم الشرود بملامحي وكثيرا ماكان يتحرك وكم أسقط هاتفه لمرات عديدة كان كالطفل الشقي لم يهدأ ولم يتركني اهدأ معه فقد كانت الرحلة طويلة والدقائق فيها مصابة بالخللصوت مضيفة الطائرة ترحب بنا على ارض بيروت معلنة انتهاء الرحلة اطلقت سراح روحي وتركتها تركض مني هربا لخارج الطائرة أعلم أنها لن تعود فهي لاتعرف طريق العودةوقفت أرتب نفسي كان الشاب واقفا نظر إلي وكأنه يريد ان يهنئني على وصولنا ولكنه بقي صامتا ربما خوفا من صد أخر أرميه بهتركته ومضيت نزلت إلى أرض المجهول غريبة لتستقبلني هناء بغرح غامر ولكنني وبدون شعور ارتميت على كتفها بدموع رفضت أن تسيلفي بيتها الصغير والذي أسكنهم به صاحب العمل كان هناك غرفة جانبية جهزتها لي كان سقفها من التوتياء وجدرانها ملونة بالأزرق اثاث لعب الزمن بتفاصيله ولكن لا مأوى لي غيرها..شهور مضت وأنا في هذا البلد الغريب أعمل في مخبز لصنع الحلوياتبين الحين والحين كان دمعي يمتزج مع الطحين ويجعل طعم الحلوى مالحا فقد كانت صورته تتجسد امامي وصورة امي ترتسم زينة على تلك القطعلم تمنحني الغربة إلا زيادة في الشوقفي يوم صيفي تطرق هناء الباب باكرا ياالله انه يوم الاحد وتعلم بأنه يوم عطلتي فماذا تريدفتحت لها الباب فقالت اليوم هو موعد قطاف العنب تعالي معنا رحبت بفكرتها ارتديت ملابسي وذهبت الى مكان أشبه بالجنه تتدلى فيه عناقيد من العنب الأحمر فهناء تعمل وزوجها عند رجل غني يمتلك كل هذه الأراضيجلست على كرسي من حديد انظر إلى هذا الجمال وفي يدي فنجان من القهوة كانت قد صنعته لي مسبقافجأة بدأ قلبي يخفق فهناك كان يقف شاب يلمس بيديه عناقيد العنب فتزداد احمرارارمى بعينيه نظرة إلي جعلتني أتوهج كتلك الشمس البعيدة وقف صامتا كحاله في الطائرة نعم انه هو صاحب التذكرة الاثنا عشرتحول فنجان قهوتي لنبيذ معتق جعلني ثملة اترنح ذات نبض وذات حبجاءت هناء مسرعةوكأنها تريد اخباري بشيئ مهم اقتربت مني وأشارت بيدها اليه هذا هو صاحب هذه الأملاك كلها إنه هادي الذي اخبرتك عنهوبينما هي تحدثني أضاعت عيوني هادي وبدأت نظراتها تستقصي مكانه بحثا عنه ياتيني صوته مجدداهل انت هي؟؟؟وهل تريديني سماعي أم التزم بأوامرك وأصمتنظرت اليه بعيون تنطق أملاوابتسمت لانني رأيته مجددا-أنا أعتذر على تصرفي بالطائرة ولكن بحق كنت متعبةقال وبكل برود لاعليك ولكن منذ اللحظة التي طالبتني بها بالصمت وقلبي يصرخيريد منك أن يعرف شيئا عنك وكم ارتاح الأن سهم حب أصاب جعل قلبي يرقص فرحامضت الأيام على غير عادتها فالحب جعلني لا أعلم ليلي من نهاري أعيش لحظات حبه أسمع صوته صباحا وانام على همس كلامه انها الحياة تطرق بابي مجدداقصتي أنا وهادي أصبحت حديث فتيات القرية وبات اسمي لديهن بصاحبة الحظ السعيدذات صباح جاءت هناء . جعبتها سلة حزن وقفت خائفة أسألها مابهاقالت هاديمابه اخبريني – والده خطب له ابنة عمه وبعد يومين ستكون الخطبة في ساحة الضيعة فما انت فاعلة لم انتبه إلا والطبيب فوق رأسي يضرب وجهي بيديه يريدني أن اعود للوعي مجدداشعرت بدوار والم مؤلم في قلبي امسكت هاتفي واتصلت بهادي ابتغي منه هدوء روحي اغلق هاتفه وجاء الى باب غرفتي يطرقها بقوةفتحت له الباب .. قال لم استطع أن أرفض وضعني والدي امام خيارين إما أن ابقى سيدا او اذهب اليك دون عائلة او نسبعلمت حينها بانها النهايةاخبرته بإنني سأعود الى بلدي وساتركه يعيس بسلام مع من اختاروه لهابدون شعور حضنت هادي وتمنيت له السعادة أبعدني عنه ونظر إلي نظرة مخيفة وقال سأحجز لك تذكرة العودةياالله كم أوجعني كلامه . ربما تمناه لي قبل أن اقرره اناهل مكتوب علي ان التمس طريق الهروب أم مكتوب على ان تلازمني هزائمي دوماحزمت امتعتي وودعت هناء وصلت المطار حاملة معي وجعا أصعب من الألم الذي أتيت به بحثت عيوني عن هادي فمنذ أن اعطاني تذكرة العودة وهو غائب عني هل أعود دون أن يودعنياسئلة كثيرة كانت تضرب تلافيف دماغي هل أحبني؟هل لعب بمشاعري ؟وهل وهل وهل؟فقدت الأمل بالبحث عنهصعدت الطائرة مجددا لم اكترث لتلك البطاقة التي في يدي إلا بعد أن وقفت أمام المقاعد أبحث عن مقعدي نظرت الى البطاقة التي في يدي انها ذات الرقم احدى عشر لقد انتظرني هذا الكرسي عاما كاملاكي يعود بي الى بلدي بقايا امرأة سلمت عليه وجلست وكأن الحياة تكرر الأحداث مجددارميت بنفسي على المقعد أبكي بكاء ألم بصوت مسموعإنه الكرسي الإثنا عشر صوت أعرفه جيدا نطرت الية انه هادي وقفت مذهولة أريد منه فقط الإجابة عما حدث؟مد يده وطالبني بالصمت وقال بنبرة قلدني بها أنا متعب ولا أريد التحدث مع أحد
التاريخ - 2019-02-10 11:29 AM المشاهدات 736
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا