شبكة سورية الحدث


موسكو و واشنطن .. نار تحت الرماد

تطورات سياسية و ميدانية هامة شكلت بمجملها تحولات استراتيجية في مسار الحرب على سوريا ، فمن جهة الميدان شارفت الحرب السورية على نهايتها بعد المنجزات التي حققها الجيش السوري ، حيث باتت المعارك على الأطراف و اصبح العمق السوري تحت سيطرة الدولة السورية ، و لجهة السياسة ، تم احباط الكثير من الخطط و المناورات الأمريكية التي هدفت إلى تقسيم سوريا ، و اقامة مناطق آمنة بحسب التوصيف الأمريكي ، لكن الحلم الأمريكي أصطدم بصلابة التحالف السوري و الروسي ، ما وضع الإدارة الأميركية مجدداً أمام تحدي أكثر خطورة ، تمثل في المواجهة المباشرة مع الروسي ، الذي بدوره رسم خطوطاً حمراء أمام أي تمادٍ أميركي في العدوان على سوريا ، الأمر الذي أدى إلى إجبار أميركا على التراجع مجدداً عن التورط في حرب أكثر خطورة من حرب العراق ، وهو ما لا يريده ترامب.أمريكا التي تعتمد أسلوب عرض العضلات و توجيه الرسائل النارية تجاه سوريا و حلفاؤها ، إضافة إلى فرض عقوبات على روسيا و ايران و سوريا ، لم تدرك أن الدب الروسي ظهر في سوريا لكبح جماح الإرهاب الأمريكي ليس في سوريا فحسب ، بل باتت روسيا قطبا دوليا لا يمكن تجاوزه ، أما في المقلب الآخر فموسكو أدركت أكثر من ذي قبل حقيقة الموقف الأمريكي من روسيا كعدو وتهديد ، لذلك تتبع سياسة حذرة مع واشنطن، و بوتين كان ذكيا حين أعطى ترامب فرصة للتغيير دون تقديم تنازلات تحديدا في الشأن السوري ، و يبدو أن هذه الفرصة قد انتهت من قبل الجانب الروسي وبدأت مرحلة جديدة من المواجهة عنوانها التصعيد والتقدم خطوة إلى الأمام في مواجهة الأمريكي .بات واضحا أن العلاقات الروسية الأمريكية تتسم بعدم الثبات الذي من الممكن أن يكون سببا مقنعا لجهة العلاقات بين الدولتين ، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار المصالح الروسية و الأمريكية في المنطقة و التي يمكن وصفها بالمتناقضة تماما ، فعلى سبيل المثال قد شكلت الأزمة السورية تباينا واضحا في المواقف ، روسيا مع الدولة الشرعية في سوريا ، و واشنطن على النقيض تماما ، حيث توقم بتقديم الدعم للفصائل الإرهابية بغية إسقاط الدولة السورية في أتون الإرهاب و التقسيم ، و لكن في المقابل اتسك الجانب الروسي بقدرة عجيبة على إحتواء التهور الأمريكي في سوريا و العمل على تأطيره بما يخدم مسار العمليات العسكرية الرامية للقضاء على الإرهاب ، و هذا ايضا أثبت نجاح إدراة روسيا للملف السوري و تحجيم الجنون الأمريكي في الميدان السوري .إقرار السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد (في مقابلة له مع جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 24/6/2017) بأن اللعبة انتهت، وأن الرئيس بشار الأسد انتصر، والرئيس أوباما لم يترك الكثير من الخيارات للرئيس ترامب كي يغير قواعد اللعبة، وأن أميركا ستنسحب من سوريا كما حدث في العراق ، جاء بمثابة التعبير عن الدور الروسي في سوريا ، إضافة إلى صمود الدولة السورية التي أنتجت بصمود جيشها و قائدها و شعبها هامشا كبيرا لحلفاؤها لجهة التحرك في الميدان و السياسة ، و لا شك بأن تفاهمات الدولة السورية مع حلفاؤها ، كانت سبيلا لبقاء سوريا موحدة برئيسها و جيشها و شعبها ، إلى أن كانت النتيجة التسليم الأمريكي بعدم إمكانية التغيير في الملف السوري ، إضافة إلى اصطدام المصالح الأمريكية بالوجود الروسي في سوريا ، كل هذا جعل من حالة التوتر بين البلدين ترتفع الى مستويات قد ترقى إلى درجة الإصطدام العسكري ، فالكلام عن تحول جذري بين الدولتين هو محض خيال ، و ما أعلنه ترامب خلال حملته الإنتخابية عن العلاقة مع روسيا لم يكن سوى رسائل إعلامية يمكن من خلالها المناورة السياسية للحصول على مكاسب ، فعلى مستوى العلاقات بين موسكو و واشنطن هناك قرارات استراتيجية يجب أن تصدر بالتنسيق بين مختلف دوائر صنع القرار الأمريكي، فالنظام الأمريكي لا يسمح بأن تكون مثل هذه العلاقات استراتيجية ، ناهيك عن ضرورة موافقة اللوبيات المؤثرة على هذه العلاقات قبل الخوض في أي تحول استراتيجي.د.حسن مرهج
التاريخ - 2017-12-08 4:33 PM المشاهدات 709

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم