قبل سنوات أدرجت الحكومة ضمن برامج ومواعيد الوزراء الأسبوعية مساحة زمن لا تقل عن يوم عمل واحد مخصّص للقاء المواطن العادي “أي مَن لا يصنّف ضمن خانة ضيف أو مسؤول أو قريب وصديق وصاحب حظوة”، في بادرة نوعية حاولت السلطة التنفيذية من خلالها الاقتراب أكثر من الشارع التقليدي والاحتكاك بهموم ومواجع الناس بعيداً عن الحلقات الوسيطة وروتين الطلبات المؤرشفة ودواوين الوزارات التي امتطت البيروقراطية والمحسوبيات وتقاذف المسؤوليات؟.لوهلة بدا التوجّه “أكابرياً” وإصلاحياً تجاه نوعية العلاقة بين الوزير بقلمه الأخضر الجاهز لحل القضايا وتلبية الطلبات وتسوية الشكاوى وبين الرعية التي ضجرت الوقوف على أبواب الجهات وتسوّل لقاء مديري المكاتب على الأقل، إلا أن عوامل الزمن ومرور الوقت قزّمت المبادرة وقتلت حيوية الاهتمام ودفنت حصة “من لا ظهر لهم” على حساب “البريستيج” الذي ينسجم مع ذوي الرفعة والشأن ومنتفخي القامات والدسم المصلحي، ليتراجع الزخم حتى من مجرد دعاية إعلامية تلهث المكاتب الصحفية لبثها عبر وسائل الإعلام للترويج للوزير على أن لقاءه بعدد منتقى من المنتظرين إنجاز تاريخي حريّ بالصحافة أن تتداوله وتضيفه إلى رصيد الأعمال المنتجة؟!.قبل أكثر من عام أصبح اليوم الأسبوعي للقاء المواطنين من المنسيات ولم يعُد ضمن حسابات وأولويات الوزراء وإن حصل فهو لناس دون ناس مختارين من البواب والحاشية والسكرتيرة والأذنة الذين استغلوا المناسبة للمتاجرة بطلبات المواطنين وراحوا يعيثون فساداً في يوم المحتاجين؟.مع تراكم الشهور ساد الاعتقاد بأن الموجة لن تدوم بحكم التجربة التي أثبتت إفشالاً متعمّداً لأهم بند في نشاط صاحب القرار، والأدلة الحاضرة هذه الأيام في التوقيت العشوائي الذي أعلنه بعض الوزراء، إذ حسب الادعاءات المتعمّدة -كيف يمكن تخصيص الثلاثاء وهو يوم اجتماع الحكومة الأسبوعي؟ وهل تكفي ساعة واحدة في وزارة “شعبية” من أصل دوام 8 ساعات لعشرات المراجعين؟ ثم كيف يمكن تحقيق الجدوى من التوجّه إذا كانت التواقيع جلها عبارة عن تحويلات وتوجيهات للدراسة والبحث حتى لو كانت القضية واضحة وصريحة وجلية؟.كنا قد نصحنا المواطن في غير مناسبة بالاستعجال باستثمار “حماوة دم الوزراء” فاليوم الأسبوعي لن يكون قائماً لأن معاليه سيكون مشغولاً كثيراً بعد حين؟!.وهذا ما تحقق بالفعل وقتلت المبادرة الأهم، فاعذروا المراجع بحكم الخبرة هذه المرة بأنه لا يستطيع تصديق وعود وخطابات المرونة وتسهيل خدمات المواطن ومعالجة قضاياه.. إذا كان يومه قد سُلب منه وساعته المختزلة حرم منها…؟!.علي بلال قاسم
التاريخ - 2017-10-13 7:26 PM المشاهدات 927
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا