تعدَّدت الأسباب التي تقف خلف قرار التخفي الذي يتخذه روؤساء ورجال السياسة في عالمنا، فقد استخدموا التنكر وسيلة لتحقيق غايات متعددة، تم الكشف عنها بعد سنوات من وقوعها، لكن بزيارة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مؤخرًا لسوريا متخفيًا بزي رجل أعمال، يبدو أن التخفي ما يزال يستخدم من قبل رجال السياسة والدين والقضاء بدوافع سياسية متعددة.ساسة إسرائيل لا يتخفّون فقط في عيد (البوريم) اليهودي"ليس فقط في البوريم يمكن التخفي، هكذا كنت أتخفَّى في مطلع السبعينات من القرن الماضي عندما كنت أصل عمَّان للقاء ملك الأردن حسين قبل أن يتم التوقيع على اتفاقية السلام بيننا"، هذا ما كتبه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شمعون بيريس على صفحته على "فيسبوك" في آذار 2014، إذ انتهز حلول عيد (البوريم) اليهودي، وهو عيد يتخفى به اليهود للاحتفال ونشر تلك الصور بعد 40 عامًا على وقوعها.خلال فترة الستينات والسبعينات والثمانينيات ورغم وجود حالة حرب مع إسرائيل، استقبلت الأردن بيريس متخفيًا للقاء الملك حسين بن طلال في عمان، لقد تقمص شخصيات عدة للتخفي بغية عدم إحراج الملك والنظام الأردني. يقول المختص بالشأن الإسرائيلي "صالح النعامي" في مقاله "بيريس متخفيًا في عمان": "كانت أشهر لقاءات بيريس السرية مع حسين عام 1987، عندما كان بيريس يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة إسحاق شامير، حيث هدفت اللقاءات بشكل خاص إلى التوصل لاتفاق (سلام) وقد فشلت اللقاءات بين حسين وبيرس بسبب تعنت شامير الذي رفض منح بيريس تفويضًا لمواصلة اللقاءات مع حسين".كما تشتهر قصة تخفى العسكري الإسرائيلي موشى ديان الذي تخفى بملابس عربية وشارب وشعر مستعار، ومر بوثائق مزورة إلى المغرب في 16 من تشرين الثاني 1977، وذلك للقاء نائب رئيس الوزراء المصري «حسن التهامي، وترتيب زيارة الرئيس المصري محمد أنور السادات إلى إسرائيل.وما يزال الإسرائيليين يضطرون للتخفي لزيارة الدول العربية، فقد نشرت في أبريل (نيسان) 2016، قصة الحاخام الإسرائيلي «يعكوف ناغان»، الذي تمكن من التجول في جامعة الأزهر بمصر متخفيًا بصحبة الناشطة اليهودية «ريفكا أبيرمسون» والبروفسور «يوسيف رينغل»، وقد ارتدى الإسرائيليين الثلاثة ملابس مسلمين، فارتدى «ناغان»، وهو من أصل أمريكي، عمامة عالم مسلم، بينما ارتدت ريفكا ملابس إسلامية وغطاء الرأس مع نظارات.تقول الكاتبة بصحيفة "معاريف" العبرية، سارة باك: "لم يكن بالإمكان التفكير لحظة واحدة في أنهم إسرائيليون، حتى أن العاملين في الفندق المصري الذي نزلوا فيه ظنوهم باكستانيين"، مضيفة عن مشاعر الحاخام حين دخل الأزهر: "إن الحاخام كان له لقاء مؤثر جمعه مع عميد كلية الشريعة بالجامعة د. بكر زكي عواد، المتخصص في مقارنة القرآن الكريم بالتوراة والإنجيل، والذي قضى معظم حياته في دراسة التوراة، لكنه لم يلتق يهوديًا في حياته، وكان له من خلال لقائنا فرصة لكي يسأل جميع الأسئلة التي كانت تراوده خلال السنوات الطويلة الماضية"."المسافر المتخفّي".. حسن نصر الله لم يكن الأول"تنكر في زي رجل أعمال أثناء قيامه بزيارة سرية غير معلنة مع حراسه الشخصيين إلى دمشق» هذا ما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن قصة التنكر الأخيرة التي كشف نقابها في الرابع من أيلول 2017.إذ قام الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بزيارة سوريا والتقى بالرئيس السوري بشار الأسد، وبينما أقر نصر الله بهذه الزيارة فقال: "ذهبنا إلى القيادة السورية، وطلبنا منها إنهاء سيطرة الإرهابيين على الجرود في عرسال"، كشفت إسرائيل عن الطريقة التي خرج بها لهذه الزيارة، فقالت إنه خلع عمامته ولباسه الديني وتخفَّى في ملابس رجل أعمال. وبحسب الصحيفة: "غادر مخبأه في ملابس مموهة، واستقل سيارة مع حراس بملابس مدنية، وانضمت سيارات أخرى لتأمين رحلة الرتل على طول الطريق إلى هدفها لمدة 90 دقيقة"، وتابعت الصحيفة: "إسرائيل رصدت تحركات غريبة في الفترة الأخيرة بمناطق تعتبرها أهدافًا لمراكز تؤوي نصر الله، لكنها لم تبادر إلى خطوات استباقية؛ لكون إسرائيل اليوم منشغلة بأمور أخرى، لكن يبقى نصر الله من الأولويات لإسرائيل وأهدافها".الرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات"وبالعودة للسنوات الماضية، يمكن القول إن أكثر من اشتهر بالتخفي هو الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إذ قام بعدة محاولات للتخفي بسبب الظروف السياسة التي أحاطت بالثورة الفلسطينية التي تزعَّمها، وتعد من أشهر قصص التخفي لعرفات، عندما استجاب للرئيس المصري جمال عبدالناصر فغادر بطائرة نحو مصر وهو يرتدى ملابس امرأة، إثر قيام الملك حسين بن طلال بمذابح ضد الفلسطينيين في عام 1970.أما أول رئيس لجمهورية مصر محمد نجيب فقد اضطر لتنكر في عام 1929 بزي خادم نوبي، ثم قفز بهذا الزي فوق سطح منزل مؤسس حزب الوفد مصطفى النحاس لمقابلته وإقناعه بتدخُّل الجيش لإجبار الملك على احترام رأي الشعب، والعدول عن قرار حل البرلمان الذي كان معظم أعضائه من حزب الوفد، أما الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، فوصف بأنه "داهية في التنكر"، تنكر مرة كسائق وأخرى كعامل بناء، بغية الهرب من المعتقل.
التاريخ - 2017-09-18 6:22 PM المشاهدات 1136
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا