شبكة سورية الحدث


معارضون سوريون: الحل السياسي بعيد المنـال وجنيف «تقطيع وقت» لحين اتفاق الكبار

غالباً ما يجد الكاتب في الشؤون السورية نفسه مضطراً نوعاً ما للتكرار، ولا يعود ذلك إلى رغبة شخصية في التكرار، بل يعود إلى مراوحة المشهد السوري حالياً في مساره السياسي، أو إلى استناد التحليل إلى أرضية معرفية غير كاملة لصعوبة الوقوف على الرأي الآخر، أي رأي شريحة كبيرة من السوريين ممثلة بقوى المعارضة خارج الحدود، لكن مع ذلك ثمة قدر معقول من المعلومات والمواقف يمكن الاستناد عليه في مقاربة موضوع الأزمة السورية ومسار الحل السياسي وماهيته وتالياً الخروج بخلاصات منطقية نوعا ما.من هذه المقدمة نخلص إلى سؤال سيكون محور الموضوع، وهو هل بدأ الحل في سورية وما نظرة المعارضة الداخلية لذلك؟..الحل بعيد المنال يجمع سياسيون سوريون من تيارات وقوى وشخصيات مستقلة على أهمية مسار الحل السياسي كحاجة أو خيار لا بديل عنه لمنع الانهيار الكامل للمجتمع السوري. وترى ذلك ضرورياً لوقف حمام الدم المستمر منذ سبع سنوات لكن هذه القوى ترى أن مسار الحل السياسي للأزمة في سورية لم يبدأ بعد، وتالياً ترى أنه لازال بعيد المنال رغم كل الجعجعة التفاوضية كما أنه رهن بتوافق روسي- أمريكي فضلاً عن دور الدول الإقليمية، وعليه يرى هؤلاء أن جنيف بجولاته السبع ومسار أستانا هو تقطيع لوقت من دون طائل.على الرغم من تواتر الاجتماعات والمفاوضات، في جنيف وأستانا بين أهم الأطراف المعنية بالأزمة السورية، فليس من لحظة يبدو فيها الحل السياسي بعيد المنال أكثر من اللحظة الراهنة، رغم كل الحديث المتفائل عن قرب انتهاء الازمة واتخاذها مساراً سياسياً، فثمة جماعات تسيطر على الأرض رغم التقدم الكبير الذي يسجله الجيش والحلفاء على الأرض والسيطرة على مناطق جديدة لكن هذا لا يلغي حقيقة أن "داعش" والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية لازالت قوية على الأرض وتسيطر على مدن ومحافظات.سبع جولات بخفي حنين كل الجولات السابقة من جنيف1 إلى جنيف7 بين وفدي المعارضة والحكومة السورية إلى جانب جولات من مسار أستانا انتهت، من دون أي اختراق.كان المأمول من جنيف بكل أرقامه هو نقل الأزمة من طورها العسكري إلى طورها السياسي وتحقيق المطلوب أي الحل السياسي، وهو الذي ما زال غائباً إلى حينه بعد هذه السنوات.فقد حالت الخلافات وبعد المسافة بين المعارضة والحكومة إلى صعوبة التوافق على تفاصيل البداية إلى جانب انعدام الثقة وحسن النيات كما يرى كل طرف الآخر، لكن هذا لا يعفي الحكومة والمعارضة بكل أطيافها من مسؤوليتهما عن ذلك، لكونهما طرفين يمتلكان القدرة على التأثير. الحق، أن المجتمع الدولي يتحمل جزءاً كبيراً مما وصلت إليه الأمور في مسارات التفاوض وقبله مما يحدث في سورية، نتيجة تضارب الأجندات الدولية وتنامي صراع النفوذ خصوصاً بين روسيا والولايات المتحدة.تصريف وقت لاقتسام الكعكةيتحدث الجميع عن أخطار استمرار الأزمة ويروجون للخيار السياسي، لكن فرصة الحل تبقى ضعيفة ما دامت الأرضية المشتركة التي يمكن البناء عليها ضعيفة، وما دام بعض أطراف الأزمة لا يدرك طبيعة الخيارات المتوفرة أمامه ويرفض تقديم أي تنازل، وما دام رعاتها يستهترون بالمخاوف الحقيقية للسوريين، ولا يستخدمون الأدوات الناجعة للضغط على المتحاربين، وإجبارهم على ترك السلاح والانصياع للحوار فإن الأزمة طويلة ومسارها السياسي الجدي لم يقلع بعد.يرى المحامي محمود مرعي أمين عام هيئة العمل الوطني الديمقراطي أن المسار السياسي طويل ويحتاج إلى توافق روسي- أمريكي فضلاً عن توافق إقليمي، ويقول: "إن العملية السياسية طويلة ولم تبدأ بعد بشكل جدي وكل ما يحصل في جنيف إلى الآن هو مجرد تبادل الوثائق والآراء بين المنصات مع فريق المبعوث الدولي ولم يحدث لقاء مباشر بين وفدي النظام والمعارضة ولم يتم بحث أي من السلال الأربع". ويرى مرعي على العكس من ذلك: "ما تم في ميونخ أثر مباشرة على الأرض، كما أثر مسار أستانا على الميدان بشكل فعلي".بدوره يعتقد فاتح جاموس القيادي في تيار طريق التغيير السلمي أن الحل السياسي بالمعنى الإيجابي الفعلي لم يبدأ بعد ولن يبدأ في المدى القريب والمنظور.ويرى جاموس أن جنيف وأستانا تصريف وقت وخطط تكتيكية لمخططات أخرى. ويضيف: أعني أن مستوى التناقض الصراعي بين الدول الفاعلة لازال قائماً ولايوجد توافق في المحتوى السياسي.وعليه يؤكد جاموس أن أي حل سياسي يقوم على المسارات الخارجية والقوى الفاشية والظلامية وبدعم من تركيا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني مثل هذا الحل ما هو إلّا اقتسام الكعكة بطريقة وسخة. إذا كان بعض التوافق بين السياستين الأمريكية والروسية قد أسس لخيار الحل السياسي عبر بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، وتأكد في مناطق تخفيف التصعيد وقمة بوتين- ترامب في هامبورغ، فالجديد هو وضوح المسافات الخلافية بين الأطراف الثلاثة الراعية اليوم للعملية التفاوضية: واشنطن، موسكو، وطهران، وبينهما الحسابات التركية ومراميها، الأمر الذي يكشف ضيق فرصة الإقلاع الجدي بالمعالجة السياسية."معارضة جوازاً"وفي هذا السياق يرى بيان الحجار عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي- عضو المجلس المركزي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي أن ضآلة النتائج في جنيف وأستانا تؤكد أن الوضع في سورية بيد دول كبرى فيما للدول الإقليمية دور ثانوي.ويرى أن الولايات المتحدة غير معنية بالحل فهي ترى من العين الإسرائيلية وعلى السوريين إدراك ذلك، بينما روسيا تتصرف كدولة كبرى لها مصالحها.ويأمل الحجار أن يكون دورها بناء أكثر فهي تستطيع بما لها من علاقات وتأثير ونفوذ على النظام والمعارضة ممارسة دور أكثر إيجابية.ويقول: "روسيا ليس لها تاريخ من المظالم ضد العرب ونرغب أن يكون القادم استمراراً لما قام به الاتحاد السوفييتي، ويشدد الحجار على أن "الشيء الرئيسي أن يدرك السوريون أن بقاء سورية موحدة هو فوق أي اعتبار مع ضرورة الانتقال إلى وضع جديد تسود فيه مناخات المواطنة والحرية وإفساح المجال للآخر في دولة مدنية".وفي مقاربته لموضوع الحل السياسي، يقول الحجار: "إن الهيئة العليا للمفاوضات وهيئة التنسيق تعملان للحل السياسي بجدية بهدف الانتقال إلى نظام سياسي ودولة ديمقراطية، وهناك إيمان راسخ بأن هذا يتم من خلال السياسة وليس عبر خيارات عسكرية وأمنية وتدمير داخلي، علاوة على أن الموازين الإقليمية والدولية لا تسمح بهذا الخيار.ويرى الحجار أن "المطلوب من النظام أن يبادر بحسن نية للتجاوب مع كل المطالب لجهة إعلان دستوري وفصل السلطات وإعادة هيكلة الجيش والقوى الأمنية".وبشأن التوافق في مواقف منصات المعارضة يرى الحجار أن هناك تقارباً في جميع السلال فهناك توافق بين منصتي القاهرة والرياض فيما خص موضوع الانتقال السياسي مع تباين مع منصة موسكو.بصيص أمل ضعيف لا يمكن أن يستمر الجرح السوري إلى ما لانهاية من دون حل أو بصيص أمل في نهاية النفق المظلم، ثمة مسؤولية كبيرة على الأطراف السورية وأمام هذه الحال وفيما يبدو المشهد المحلي ضبابياً ومائلاً إلى التصعيد تلوح به فرص ضئيلة للحل، لكنها لن يكتب لها الاستمرار والنجاح وتبقى غير ذات فعالية على الأرض جراء صعوبة التوفيق بين مصالح متعارضة، زادها تعارضاً ما كرسه طول أمد الأزمة وما خلفته من شروخ وانقسامات، أمام هذا الوضع مطلوب من قوى المعارضة والحكومة أن يبلورا رؤى سياسية تتطلع إلى الحل السياسي الذي يضمن وحدة الأرض والشعب، والتشارك في بناء مستقبل جديد، تحدوه دولة ديموقراطية ومجتمع مواطنة، لا مكان فيه للتمييز أو لحقد وانتقام، وغير ذلك فإن البديل هو السلاح، ومزيد من دماء السوريين.سورية الحدث - الايام 
التاريخ - 2017-07-27 10:09 PM المشاهدات 852

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا