سورية الحدث لم يكن يعرف مسؤولو وزارة النقل السورية في العام 2008 أن اختيارهم اللون الأخضر لطلاء الباصات المستوردة حديثاً، سيصبح جزءاً من ذاكرة السوريين لسنوات، وربما لعقود طويلة.آنذاك، انطلقت فكرة اختيار اللون الأخضر من الرغبة بتميز وسائل النقل العامة بلون يرتبط بالعاصمة دمشق ويعبر عنها، فكان أن تم الاتفاق على اللون الأخضر في إشارة إلى أشجار الياسمين، التي تشتهر بها منازل الدمشقيين، وإلى الغوطة الشهيرة المحيطة بالعاصمة.الفكرة، كما يشير مصدر خاص في وزارة النقل، جاءت من باصات لندن الشهيرة بلونها الأحمر.. إذ ما المانع أن يكون لدمشق باصاتها المميزة أيضاً؟.وبحسب ما يذكر المصدر فإن مشروع استيراد باصات للنقل العام بدأ منذ أيام وجود مكرم عبيد على رأس وزارة النقل، وبقي المشروع بين أخذ ورد بين الوزارة ورئاسة مجلس الوزراء، وتحديداً مكتب النائب الاقتصادي عبد الله الدردري، لمدة تزيد عن العامين عندما تولى الدكتور يعرب بدر حقيبة النقل في حكومة المهندس ناجي عطري.في ذلك الوقت، كان الوضع السيء لقطاع النقل العام داخل المدن الكبرى يثير سخط الرأي العام، ومادة شبه يومية لوسائل الإعلام المحلية، الأمر الذي شكل ضغطاً متزايداً على الحكومة المتهمة بإتباع سياسات تحد من التوسع في عمل القطاع العام، فكان أن جرى في العام 2007 توقيع عقد مع شركة صينية لتوريد 600 باص كبير ومتوسط، وصلت فعلاً إلى سورية في العام 2008، ثم وصلت في العام 2011 دفعة إضافية قدرها 150 باصاً، ليصبح بذلك إجمالي عدد الباصات التي جرى استيرادها من الصين بموجب العقد الموقع في العام 2007 نحو 750 باصاً، منها 375 باص كبير ومثلها متوسط.دمشق كان لها النصيب الأكبر من الباصات الخضراء من بين ثلاث محافظات شاركتها بهذا العقد، وهي اللاذقية، حلب، وحمص وخصصت كل منها بخمسين باص، والباقي كان من نصيب العاصمة.وبينت المعلومات إن قيمة الباص الواحد الكبير بلغت نحو 62 ألف دولار، والباص الواحد المتوسط نحو 48 ألف دولار، ولتكون بذلك الصفقة قد كلفت الحكومة السورية نحو 41,250 مليون دولار، أي نحو 1,9 مليار ليرة سورية (بناءً على سعر صرف قدره 47 ليرة للدولار الأمريكي الواحد).المصدر أكد أن الباصات الصينية المستوردة، والتي جرى لاحقاً لدى وصولها إلى سورية دهنها باللون الأخضر، ذات مواصفات خاصة، فهي باصات جديدة غير مجددة، تعمل بنظام اليورو أي أن انبعاث الدخان المتصاعد من العوادم قليل، والأهم أن علبة السرعة فيها ذات منشأ ألماني والمحرك أمريكي..لم يهنأ السوريون كثيراً باستخدام تلك الباصات، التي كثيراً ما راجع المعنيون في وزارة النقل مواصفاتها خدمة للركاب من المواطنين، فإذا ببعضها يدخل الحرب السورية من أوسع أبوابها، فيكون جزء منها عرضة للتخريب والسرقة وتحويله إلى متاريس وغيرها، وجزء آخر أصبح بمنزلة "الناقل الوطني" لمشاريع المصالحات والتسويات "المناطقية"، عبر نقل مئات المسلحين وعائلاتهم من مكان إلى آخر، ونقل آخرين يرغبون بـ"تسوية" أوضاعها لدى الدولة السورية.زياد غصن
التاريخ - 2016-09-18 8:41 PM المشاهدات 2161
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا