سورية الحدث - بقلم : منير الموسىتغيير اسم جبهة النصرة الإرهابية وخروجها من عباءة تنظيم القاعدة لن يحميها، فأيمن الظواهري رأس القاعدة هو الذي أفتى لها بجواز انفصالها عنه في خديعة واضحة تقف وراءها الأجهزة الاستخبارية الغربية، التي تدعم أيضاً فرع القاعدة في اليمن.مثلث الإرهاب.. القاعدة، الإخوان المسلمون، الوهابية، يمثل ضلعه الأول ذلك الكيان الذي يدور في فلك سي آي إيه، بإدارته الافتراضية بزعامة الظواهري «الخلبية أو الوهمية» والذي يتقافز على قناة الجزيرة القطرية ومثيلاتها ليبرئ ساحة حكام أميركا وحكام حليفاتها من دعم الإرهاب ويريحهم من الوقوع تحت طائلة القانون الدولي أو قوانينهم المحلية، وليحمل التنظيم وزر أي عملية إرهابية ترتبها وتسهلها الاستخبارات الغربية وينفذها بالوكالة عنها بيادق مغسولة العقول ومشبعة بالفكر الوهابي أو الفكر الإخواني.لعل البحث عن المستفيد الحقيقي من تفجيرات 11 ايلول 2001 ومن كل العمليات الإرهابية اللاحقة في اوروبا وسواها حتى ايامنا هذه، سيقود إلى الزعيم الحقيقي لكل زوايا الإرهاب واضلاع مثلثه.جماعة الاخوان المسلمين وزمرة الوهابية، العابرتين للدول والمتعددتي الجنسيات، هما أصل الذراع المسلحة للقاعدة وأي مرتزق تجنده الاستخبارات الغربية للقتال لحسابها، يجب أن ينضم إلى إحداهما، الأولى تمثلها جبهة النصرة وتفرعاتها، والثانية تمثلها داعش.وهناك البي كي كي والاسايش وهما ليسا نسيجيّ وحدهما، إذ تنتظر منهما الاستخبارات الغربية أن يكونا الرديف لداعش والنصرة لتوطيد كيان على النمط الصهيوني الذي زرع في جنوب غرب آسيا فتوسّط مصر وسورية الطبيعية وشبه الجزيرة العربية. ولكن هذه المرة فإن النية الغربية تصنيع كيان على تخوم شمال شرقها ليتوسط أفغانستان وإيران فتركيا والعراق وسورية وهي المنطقة التي تعد درة التاج في العالم من حيث الثروات والموارد، فيسد طريق الحرير الجديد بوجه روسيا والصين والهند، ويشكل قاعدة متقدمة للناتو على شاكلة كوسوفو أيضاً في أوروبا الشرقية. فالصين كلما نهض اقتصادها يخترع الغرب حرباً جديدة لخنقها سواء على أرضها أو على مجالها الحيوي، على شاكلة حربي الافيون الاولى والثانية، ويجرب الغرب الآن أن يخنق روسيا ايضاً وهي الدولة التي لم يستطع أي معتدٍ عليها عبر التاريخ أن يسجل عليها نصراً استراتيجياً حاسماً، ويعود لها الفضل الأكبر في القضاء على النازية والفاشية في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945.والملاحظ أن ممارسات وجرائم كل الجماعات الإرهابية تتشابه إلى حد بعيد مع جرائم عصابات الشتيرن والهاغانا وسواهما من العصابات الصهيونية ومرتزقتها الذين شردوا شعب فلسطين منذ قرابة 70 عاماً كما تتشابه مع جرائم ما سموه «جيش تحرير كوسوفو» . ويجهد منفذو الاستراتيجيات الغربية الاستعمارية أن تحاط إسرائيل بدويلات لا تكن العداء لها.واشنطن وعواصم الغرب تخوض معركة على مجال روسيا الحيوي، ويتمدد حلفها الاطلسي باتجاه حدودها، وسورية من الدول التي يخشى الغرب أن تقضي هي وحلفها المقاوم على قاعدته المتقدمة في الشرق المسماة إسرائيل أو «بيت العنكبوت»، وقد قدرت مراكز دراسات غربية وصهيونية أن أي حرب مباشرة بين سورية و«بيت العنكبوت» ستكلف 800 مليار دولار وسيهرب معظم المستوطنين منها بسبب الدمار الذي سيلحق بها من الصواريخ السورية، لذلك تقرر أن تكون هذه الحرب بالوكالة عن طريق ثالوث الإرهاب، لمنع استنزاف الكيان الصهيوني، ومنع أي نهضة سورية كانت تتقدم في الافق بقوة قبل العدوان الاميركي، الأطلسي الإرهابي عليها.وبعد قرابة 6سنوات من العدوان على سورية تأمل واشنطن أن تقوم جبهة النصرة الإرهابية باسمها الجديد المخادع، بدور في أي مفاوضات قادمة لحساب واشنطن التي تسمح للقنوات الإعلامية في الدول الحليفة لها بلقاء قادة الإرهاب في العالم مثل بن لادن، والجولاني ولاسيما مقابلته مع قناة الجزيرة القطرية « الفرع الناطق بالعربية للبي بي سي» في حزيران 2015.وثمة تناقض يطرح تساؤلات! فداعش انفصلت عن تنظيم القاعدة عام 2014 ولحقتها النصرة الآن، والسؤال ماذا بقي إذاً من عناصر تحت راية تنظيم القاعدة، وأين ذراعها المسلح؟ ألم يزج به كله في سورية واليمن وليبيا والعراق؟، أم أن إدارة الظواهري للتنظيم فعلاً افتراضية؟ ليغدو الظواهري مجرد عميل لواشنطن شأنه شأن الوهابيين أو الإخوان المسلمين، ومثل اردوغان، أو محمد مرسي، أو بني سعود وآل ثاني... لأنه يبارك عملية استقلال النصرة عن حظيرته تلبية لخطط الغرب، فأي «شهامة» هذه التي هبطت عليه؟ ولكن لماذا داعش انفصلت عنه؟ فقط لأن داعش مطلوب منها أن تشكل مركز استقطاب وجذب جديد للدول الغربية التي تريد التدخل العسكري باسم محاربة الإرهاب، مع أن النصرة ارتكبت جرائم ضد الانسانية مثل داعش بل أكثر مع أكل الاكباد وشي الرؤوس وذبح الاطفال.والنصرة الإخوانية مهمتها الاميركية زرع الإخوان المسلمين في الدولة السورية، على أن واشنطن تضعها نفاقاً على لوائح الإرهاب إذ كانت طالبت في شباط الماضي بأن تتجنب الطائرات الروسية قصف أهداف « النصرة» حتى تستطيع ما تسميه المعارضة المعتدلة أن تنفصل عن «النصرة»، ليتضح أن هذه «المعارضة» ما هي إلا جماعة الإخوان المسلمين ذاتها التي قتلت ودمرت في سورية في الثمانينيات، والتي سمت عمليتها في الهجوم على الكليات في حلب باسم المجرم «ابراهيم اليوسف» صاحب مجزرة المدفعية في أيار 1979.كما اتضح أن العديد من الجماعات التي يسميها الغرب «معارضة معتدلة» كجزء من المفاوضات السياسية السورية هي ملتصقة بجبهة النصرة، والآن تطالب واشنطن بعدم ضرب النصرة في حلب وإدلب، بالذريعة ذاتها، أي لحماية «عملائها المعارضين من الإخوان»، وتكثر المطالبات من الأمم المتحدة بزيادة ساعات الهدنة في حلب، أملاً في منع إضعاف جبهة النصرة الإرهابية التي تعول عليها واشنطن الكثير لإضعاف الدولة السورية. وما قول إدارة أوباما بأن التسمية الجديدة للنصرة لن تغيّر من صفتها الإرهابية، إلا ذر للرماد، فالسياسات الخارجية الاميركية التي جعلت الإرهاب حليفاً لها تدل على ان نهج المحافظين الجدد الذي دمر أفغانستان والعراق لا يزال مستمراً.


التاريخ - 2016-08-26 6:54 PM المشاهدات 870
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا