سورية الحدث قول الأخوان الرحباني في مسرحية "ناس من ورق": "قصقص ورق ساويهن ناس، قصقص ورق على اسم الناس، سميهن بأساميهن ونحاكيهن ويصيروا ناس".على الحدود، في الأمن العام، وعلى الحواجز يتم صنع ناس من ورق أيضاً، قد تصبح ورقة زرقاء، ورقة خضراء، قد يرفض تحويلك إلى ورقة، وهذه مشكلة، وبفقدانك الورقة تفقد كل صفاتك وحقوقك.إن كنت سورياً في لبنان وحصلت على أوراقٍ تثبت أنّك "مقيمٌ شرعي" من الدولة، ستعرف سريعاً أنّ أوراقك هذه "ضعيفة". إذ يعاني السوريون هنا من ظروف حياة صعبة ومعاملة غير إنسانية في الكثير من المرّات: كمنع حق التجول بعد السابعة مساء من قبل الكثير من البلديات (دون نسيان كلمة "أخوة" على اليافطات)، صعوبة الحصول على عمل، وفي حال إيجاده، فسيكون غالباً بمعاش مهين، هذا عدا عن التعاطي بدونيّة وعنصريّة واتهامهم بكل مصائب لبنان "قطعة السما".يعاني اليوم جزءٌ كبير من الشباب السوريين في لبنان من عدم امتلاكهم لإقامات تخوّلهم التجوّل دون مصاعب في لبنان.عاش محمد (26 عاماً) لمدة عامٍ وثمانية أشهر في بيروت دون إقامة. ظلّ طوال هذه المدة يتنقّل في بيروت سيراً على الأقدام، متجنّباً الطرقات التي تحوي حواجز أمنية.قدم محمد طلباً للحصول على إقامة طالب في الأمن العام. لكن وبعد اكتشاف أنّه عامل تمّ حجزه قرابة الساعة في نظارة في السوديكو. يقول: "حاولت الحصول على إقامة طالب، جلبت كشف الحساب من المصرف وإفادة من الجامعة. تم رفض الطلب بعد قيامهم بالتحقيق واكتشافهم أنّني أملك وظيفة، وأجبروني على تقديم إقامة عمل".صاحب المؤسسة التي يعمل بها محمد رفض أن يكفله، فبدأت محنته بالبحث عن كفيل كي لا يتم ترحيله. يقول: "قرّرت أن أتوقّف عن العمل كي أبقى في البلد كطالب رغم أنّي معيل عائلتي، وذلك بعد أن اتصلوا من الأمن العام وقالوا لي حرفياً: في حال لم تأتِ لتسوية أوراقك سنأتي ونأخذك من منزلك".لاحقاً، وبمساعدة أستاذة في جامعته استطاع محمد أن يحصل على كفيل وهمي من إحدى المؤسسات وأمّن إقامة نظامية. رغم ذلك، فإنّ هذا الحل ليس نهائياً إذ تنتهي صلاحية إقامة محمد في آذار القادم. يقول: "لا أعلم ما الذي عليّ فعله حينها. العودة إلى سوريا ليست مطروحة، الحل الوحيد هو الهجرة من هنا".بعد انتهاء مدة إقامة المواطن السوري في لبنان للمرّة الأولى يمكنه تجديدها مجاناً في مديريّة الأمن العام، وفي المرّة الثانية عليه إمّا الخروج من الأراضي اللبنانية والعودة إليها، أو دفع مبلغ 200$. ويعاني قسم كبير من السوريين من المعاملة السيئة في مراكز الأمن العام أو يتم رفض طلباتهم، كمحاولة للضغط عليهم والرحيل.على العكس من محمد، ما زال إياد (25 عاماً) يعيش في لبنان دون إقامة حتّى الآن، وهو يسكن حالياً على سطح أحد الأبنية في مخيم عين الحلوة في صيدا. يقول: "ما معي 200$ وما فيي إرجع ع سوريا، مطلوب بالجيش". يضيف: "لست طالباً ولا أستطيع الحصول على عمل. لم أرَ شيئاً طوال عامٍ سوى هذا الحي. أراد مالك أحد المؤسسات أن يكفلني بشرط أن أعمل لديه لمدّة 14 ساعة يومياً، مقابل مبلغٍ لا يتجاوز الأربعمئة ألف ليرة شهرياً. شو هي عبودية؟ خليني بلا وراق أشرف لي".لا يعلم إياد إن كان هناك قرار بترحيله، ولا يريد أن يعلم. يقوم بتدريس اللغة العربية لأطفال المنطقة مقابل مبلغٍ ضئيل. يقول: "قبل الاحداث في سوريا كنت أعمل مُدرِّساً. لكنّ الأوضاع أجبرتنا أن نرحل، أخي هرب إلى ألمانيا، أخي كان أحد هؤلاء الذين ركبوا قوارب الموت. أنتم هنا تشاهدون التلفاز وتتعاطفون من وراء الشاشة. هذه الأمور حصلت فعلاً. خسرنا أقاربنا ومستقبلنا ومنازلنا. أطفالنا يولدون هنا والكثيرون منهم لا يتم تسجيلهم في المدارس ولا يحصلون على أوراقهم الثبوتية لأنّنا لا نملك المبلغ الكافي لذلك".السقير
التاريخ - 2016-08-07 10:35 PM المشاهدات 737
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا