اللاذقية - علي ندافتباهى موقعُ CNN بالعربية بنشرِ خبرٍ بالخط العريض مفادهُ ( الرقص على شواطئ اللاذقية) ، في صورٍ تم التقاطُها من إحدى الحفلاتِ الروتينية التي تقامُ على شاطئ وادي قنديل السياحي بريفِ اللاذقية .هي ليست المرةَ الأولى التي تقامُ فيها إحتفالية على شواطئ اللاذقية ، فالناسُ هنا يعيشونَ حياتَهم غيرَ مكترثين للمعاركِ الدائرةِ على بعد عشراتِ الكيلومترات في جبهة كنسبا شرقَ اللاذقية ، وللتذكير إنَّ اللاذقية واحدةً من أكثرِ المحافظات التي قدّمتْ الشهداء دفاعاً عن البلاد على كافةِ الأراضي السورية .اللاذقية كغيرِها من المحافظاتِ التي لم تتعرض للتدمير وعلى سبيلِ المثال "دمشق ، طرطوس ، درعا ، السويداء" ، هُم جميعُهم يعيشونَ أيضا حياتَهم الطبيعية من نزهاتٍ وحفلات واضعينَ آمالَهم على الجيشِ السوري الذي هو بدورهِ لا يمانعُ بأنْ تستمرَ الحياة بالرغمِ من عشراتِ الشهداء اليومية التي يقدمُها على كافةِ الجبهاتِ المشتعلة ، يقول "يوشع" جنديٌ في الجيشِ السوري : نحنُ نقدمُ أرواحَنا لتبقى البلاد صامدة واحتفالُ الناس لا يعني عدمَ اهتمامِهم بالحرب ، وأضاف هازئاً : لا مانعَ من قضاءِ الناس بعضَ الوقت بعيداً عن نشراتِ الأخبار.الاحتفالُ طبيعي ، وإنْ كان من أضخمِ الاحتفالات التي تقامُ في سورية ، لكن من غير الطبيعي انشغالُ مواقع التواصلِ الاجتماعي والوكالاتِ الاجنبية بهذه الصور الاعتيادية ، لاسيما أنَّ المواقعَ ذاتها كانت قد غضت البصرَ عن الكثيرِ من الأحداثِ الراهنةِ وكانت تتعاطى الامورَ بما يناسبُ انتمائَها ولمْ تكترث بدورِها للتدميرِ المُمنهجِ وقطع الرؤوسِ الذي يعاني منهُ المدنيين والعسكريين منذُ خمسةِ أعوام.لماذا التركيزُ على اللاذقية ؟ ، بالرغمِ من أنَّها ليست فقط من يشــهدُ حفلات رقصٍ او هرجٍ وبسط ، فمختلفُ المدنِ الآمنةِ تعجُ بالحاناتِ والمقاهي التي يحاولُ فيها السوريون ممارسةَ حقهِم في استجلابِ السعادة ونسيان هموم الحرب كلٌ بطريقتهِ .نحنُ اليوم نعيشُ في بلدٍ لا نستطيعُ فيه إلا أنْ نحزنَ ونتألم عليه لِما يعيشهُ من تدميرٍ مُمنهجٍ وهجرةٍ لأبنائهِ ، لكنّ الحياة لن تقتصرَ فقط على الحربِ التي يتحدّاهَا المدنيون بثقافةِ الحياة بغيةَ الاستمرارية لا أكثر.بالنسبةِ لاحتفالِ وادي قنديل الذي ذاعَ صيتهُ هذه الفترة فهو لا يعبرُ عن كافةِ سكان الساحل الذين جلّهُم من الفقراءِ والطبقةِ الكادحة و غالبيةُ أبنائه شهداءَ وعلى جبهاتِ القتال ، والجديرُ بالذكرِ أنَّ نصفَ المحتفلين من الأسرِ الموسرةِ التي تنعمُ بالحياةِ الرغيدةِ وبعضُهم جنودٌ في الجيش كانوا يأخذون قسطاً من الراحةِ بعيداً عن القتال والبعض الآخر مهجرون من مدنِهم تحت وطأةِ السلاح و جشعِ الحرب و الذين تناسَوا ألمَهم وتركوا أوجاعَهم خلفهم و أرادوا الترفيهَ عن أنفسهِم لبعض الوقت ، وهل هذا معيب ؟ على حد قول مصطفى شابٌ نزحَ من حي صلاح الدين في حلب.إذاً ليس الجميعُ أبناءَ اللاذقيةِ التي أرادت الCNN تسليطَ الضوءِ عليهِم لأسبابٍ ربما طائفية بغيةِ طحنِ ما بقيَ منا ، ولو كانَ الخبرُ طبيعياً لنشرَ الكاتبُ الاحتفالاتَ في دمشق وغيرِها هنالك حيثُ تتشاركُ الناس بكافةِ أطيافِها ، لكنه أرادَ إظهار طائفةٍ مرفهةٍ على حسابِ أخرى لتأجيجِ الطائفية ، كون المتعارف عليه أنَّ معظمَ أهل الساحل من طائفةٍ معينة .وأخيراً ، على هذه الأرض ما يستحقُ الحياة ، وسيستمرُ السوريون بدورِهم بنشرِ الأمل فيما بينَهم بعيداً عما يتمناهُ الغرب لهم ، الأمل الذي يولدُ من رحمِ الألمِ هذا ما قالهُ الرئيس الأسد ذاتَ يوم.
التاريخ - 2016-07-26 8:35 PM المشاهدات 1864
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا